تصريحات جبريل .. مناورة أم انتصار للمبادئ؟

الخرطوم: عبد الرحمن صالح

يبدو أن وزير المالية رئيس حركة العدل والمساواة دكتور جبريل ابراهيم، وجد نفسه وحيداً في مجلس الوزراء وهو يدافع عن التشريعات الإسلامية ، خاصة وأن إجتماع المجلسين السيادي والوزراء «التشريعي المؤقت» يتخذ قراراته عبر التصويت ، والشاهد أن جبريل لا يجد مسانده لمناهضة القوانين التي تمررها الحكومة ، لذلك اتجه نحو الطرق الصوفية ومناهضة تلك التشريعات عبر «الكيانات الإسلامية» ، فحاول جبريل مخاطبة ود أطراف تمتلك قاعدة شعبية عريضة ، اذ نجد أن أكثر من 75% من المجتمع صوفي ، ويدرك جبريل أن شيوخ الصوفية يمكن أن يكونوا ورقة تقف معه ضد التشريعات والقرارات التي تتخذها الحكومة .
اكما يمكن أن تكون له سندا سياسيا في المرحلة المقبلة التي من المتوقع ان تشهد عدة تحالفات سياسية ودينية وأهلية .
وفي تصريحات أمس الأول جزم وزير المالية رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم بعدم التنازل عن الإسلام .وفيما قطع بأن الدين ليس ملكا للمؤتمر الوطني وليس للبشير أو أي حزب من الأحزاب ، قال لن نتخلى عن ديننا .ودعا جبريل خلال زيارته مسيد الشيخ الطيب الجد خليفة الشيخ العبيد ود بدر بمنطقة أم ضوا بان ومخاطبته المصلين عقب صلاة الجمعة، التجمع الصوفي بحراسة الدين الإسلامي والحفاظ عليه بمناهضة القوانين التي تتعارض مع الإسلام وبالتصدي لمحاولات تغيير قانون الأحوال الشخصية، وقال هناك من يسعى لتغيير قانون الأحوال الشخصية ليتوافق مع أمزجة الخواجات ، ووصفه بالأمر الخطير ، الذي يجب أن يتصدى له كل أطياف الإسلام ، وأضاف قائلاً : اذا لم يدافع أهل الإسلام عن دينهم وعن شرائعهم سيكون هذا البلد في خطر.
وطلب جبريل من التجمع الصوفي أن يصدح بالحق وأن يقفوا ضد اي تغيير في شرائع الإسلام ، وقال نحن لسنا بمتخاصمين أو أهل غلو ، ولكننا في نفس الوقت لن نقبل ان يعبث الناس بديننا وأن يغيروها وفق أهواء أهل الغرب ، وتابع : لا يمكننا الصبر عليه بأي حال من الأحوال .ورأى جبريل أن الاستكانة عند المسلمين غير مقبولة ، وقال مهم جداً أن يصدح المسلمون بالحق وأن يقولوا ماذا يريدون وان يتحدثوا عن أوضاعهم بصراحة مطلقة ، وأن لا يستكينوا ويتركوا المساحة لمن لا يستحقون. وقال جبريل الدين محمي ويحفظه الله ، ونحن لسنا من أهل الغلو ولا التطرف ، وندعوا الى ديننا بالحسنى ولن نتخلى عن ذلك على الإطلاق .
ويؤكد القيادي في حزب الأمة القومي يوسف الصادق الشنبلي أن حديث جبريل في أم ضوابان حديث موضوعي ومهم ، وقال في حديثه لـ(الإنتباهة) ليس من أجل استغلال رجالات الدين الإسلامي لكسب الدعم والمناصرة في الانتخابات القادمة ولا إستدرارا للعواطف الدينية واستغلالها لخدمة أجندة معينة، وأنما رد على تخوفات انتابت رجالات الدين من توجهات الحكومة الانتقالية في عدد من القضايا المصيرية والتي تجاوزت فيها حدود صلاحياتها وسلطاتها ،منها التطبيع مع إسرائيل وعلاقة الدين بالدولة وتغيير المناهج ومحاولة إصدار قوانين وتشريعات تقوم بها وزارة العدل بطريقة أحادية دون الرجوع إلى البرلمان المنتخب.
ورأى يوسف أن تحركات جبريل للطرق الصوفية تأتي في إطار إزالة التخوفات التي انتابتهم ، عقب تجاوز الحكومة الانتقالية لمهامها المعلومة والمحددة ودخولها في الكثير من القضايا المصيرية والخلافية والجدلية والتي تمس أحيانا ثوابت دينية مجمع ومتفق عليها من كافة الجماعات الإسلامية حد قوله- ، بجانب الحكم على الإسلام بما فعله نظام المؤتمر الوطني ، وجزم بأن تحركات جبريل تصب في مصلحة ودعم الحكومة الانتقالية ونفض الغبار عنها بعد أن صارت تتهم بمعاداة الدين الإسلامي والسعي إلى إقصاء وإبعاد الدين من الحياة ، وبالتالي إعطاء فرصة للخصوم والمتربصين بالثورة للانقضاض عليها وتعبئة الرأي العام ضدها .
ويؤكد يوسف أن د. جبريل شخصية إسلامية وسطية معتدلة وغير متطرفة ومتسامحة ، وقال لذلك لا خوف من تحركاته وسط رجالات الدين الإسلامي وخاصة الطرق الصوفية والتي لا يمكن أن تساق لخدمة أجندة تضر بالوطن ، أو لخلق فتنة دينية ، وأشار الى أن الطرق الصوفية هي البوتقة التي تجمع كل أهل القبلة وتسعى دائما لوحدة الأمة ولم شملها ، وقال نحن نثق في تحركات جبريل ولا نشك فيها ومن حقه أن يتحرك ويلتقي بكافة الأطراف ، وجزم بان تحركات جبريل لا تسعى إلى إحداث فتنة دينية ولا تدعو إلى عودة تيار الحركة الإسلامية المباد ، وقال هذا ما أكده جبريل في خطابه بأن الإسلام ليس حق المؤتمر الوطني ولا الرئيس المخلوع عمر البشير.