الموت هو الحقيقة الوحيدة في الوجود، التي يكرهها الجميع والتي لا مفر منها رغم مرارتها وإجبار النفوس على التسليم بها فلا دائم إلا وجه الله، ولكن مع ذلك يكون الأمر بالغ الصعوبة ونحن نتلقى نبأ فقد عزيز علينا.
بلغنا منا الحزن الآسى مبلغه عندما نقل لنا الناعي وفاة زميلنا الأستاذ يوسف سيد أحمد رئيس تحرير صحيفة الوطن ، ويوسف علم ، وهو من أسرة عشقت الصحافة وخاضت في غمارها مقدمة التضحيات الجسام من أجل تنوير وتثقيف الشعب السوداني ونشر همومه وآلامه ، كيف لا وعماد هذه الأسرة وركيزتها حتى رحيله هو الصحفي المخضرم أستاذ الأجيال سيد أحمد خليفة.
لم تكن تربطني بالراحل المقيم الأستاذ يوسف علاقة مباشرة ولكن صدفة جمعت بيننا في تغطية المؤتمر الاسلامي الأخير بمكة الطاهرة ، وهناك تعرفت على خصال الرجل وطيبة معشره ومقدرته على اختراق القلوب وصنع الصداقات وبعد (ونسة) أثناء افطار رمضاني توطدت العلاقة بيننا وكان فاكهتنا ، كثيراً ما تضحك الاعلامية لينا يعقوب لقفشاته أو تجده منهمكاً في الحديث مع أحمد يونس أو ماهر أبوالجوخ وشبارقة وكل الزملاء الذين كانوا معنا في التغطية كانوا يستحسنونه ويصتنتون إليه.
شهادة العدل في حقه وطيب معشره يحكيها الزميل عمار محمد آدم وعبدالرحمن حنين ومحمد كامل وكل الذين عملوا معه ، فمن جايلوه عرفوا صدق اخوته ومن كانوا يافعين في محرابه عرفوا معزة أبوته ، وحتى الناشرين جميعهم يكنون له كل الود.
قبل اسبوعين أو أكثر إتصل بي شقيقه عادل سيد أحمد وتناقشنا في مقالة كتبتها ، وسألته عن صحته بعد عودته من السعودية مستشفياً ، فطمأنني عادل وقال لي :صحبك (كويس) وقريباً سيعاود بلاط صاحبة الجلالة ، ولكنها كرونا اللعينة قدرت به ، ولفظ أنفاسه الأخيرة بعد معاناة معها.
رحل يوسف وترك فينا موجدة وحزن يدمي قلوبنا ويقيننا أنه كما ورث (الوطن) من والده المؤسس فقد تركها لتواصل مسيرة التنوير وكشف الحقائق للناس وترك فيها زملاء يتكئون على قدرات ومقدرات تؤهلهم لمواصلة الراية من بعده ، تقبله الله قبولاً حسناً وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.