أدهشتني تلك الجرأة التي يتمتع بها النظام البائد و من والاه .. وهم ينشرون دعاويهم هنا و هناك للخروج في مواكب 30 يونيو بدعوى أن الحكومة الحالية أفقرت الناس و جوعتهم.. وأبهرني الإفصاح عن نواياهم بإسقاط الحكومة الانتقالية الحالية بغية أن يعتلوا السلطة من جديد .. كيف لهم أن يتصوروا أن الشعب السوداني سيطوق عنقه باغلالهم مرة أخرى .. ليمكثوا فينا ثلاثين سنة من جديد .. ألم يكونوا أفشل الناس و أفسدهم .. لا أدري كيف صور لهم خيالهم ذلك و نحن لازلنا نحصد أشواك حكمهم حتى هذه اللحظة .. و لكنهم في اعتقادي يهيمون في غباء متطرف لم يترك مجالا للذكاء أن ينفذ منه .. و أن جهلهم السياسي أغناهم عن أي علم سواه.
دعنا نحسب الأمور بمنطقهم .. كنت في منبر إعلامي بوزارة الإعلام في العام 2017 .. كان عبد الرحيم محمد حسين واليا على الخرطوم وقتها .. كان رده على من انتقدوا تشبثه بكرسي السلطة ردها من الزمان حيث قال : “كرسي السلطة زي حق الحلاق ويوم يقولوا لينا كفاكم نقول الحمد لله” .. إذا إن كانوا جلسوا على كرسي ذلك الحلاق ثلاثين سنة .. أليس من المنطق أن يفسحوا المجال لخمسة على الأقل لينالوا حظهم من هذه الحلاقة (السلطة) .. وبحساب رياضي سهل نحن لن نمنحهم دورا جديداً في هذه الحلاقة إلا بعد مائة وخمسون عاما .. أو ليس هذا المنطق بعينه ..؟
يمكننا الصبر ثلاث سنوات كفترة انتقالية بما فيها من إخفاقات و ألم لا يتخلله أمل قريب .. و لكننا سنجلس لنحلل فيها سلوك القوى السياسية الحاكمة و المعارضة و الرمادية المواقف .. ونفند أهدافهم .. نسجل ملاحظاتنا عن تلك الأهداف التي يعلنون ..و نستنبط منها ما يضمرون .. و يكمننا الآن الجزم بأن السواد الأعظم منها لن يظفر بالحكم في الانتخابات القادمة .. سيما و أنهم أثبتوا لنا و بالأدلة الدامغة أن لا أحد منهم يضع الوطن نصب عينيه .. وأن أعينهم لا ترى سوى كرسي الحلاق ذلك.
وفي تقديري أن ما حدث في مواكب 30 يونيو كان درساً لا يحتاج إلى توضيح .. الشارع السوداني اليوم أكثر نضجاً من ذي قبل .. وإنه إن كان لا يريد من يحكم البلاد الآن هذا لا يعني أنه سيقبل بالكيزان حكاما عليه من جديد .. وأنه قادر على أن يستبدل قوما غيرهم ثم لا يكونوا أمثالهم.
بوح أخير ،،
يا النظام البائد .. إنتوا زمنكم فات و غنايكم مات .. وأم جركم ما بتاكل خريفين.