أحمد يوسف التاي يكتب نبض للوطن ..الحاضنة .. واللص الذي سرق الثورة

 

 

(1)
لايختلف كثير من السودانيين في أن هناك أزمات سياسية واقتصادية وأمنية موروثة منذ سني الإستقلال الأولى ، وكانت هذه الأزمات تكبر مع مرور الزمن حتى اصبحت اليوم غولاً يصعب القضاء عليه بضربة واحدة… ولايختلف الناس كذلك في أن الحكومة الإنتقالية الحالية ورثت أوضاعاً متدهورة سياسياً واقتصادياً وأمنياً من نظام قابض وفاسد أهدر موارد الدولة وأثرى حزبه ومنسوبيه من المال العام بلا حسيب ولارقيب فأوقع البلاد في أزمات وأوحال يصعب الخروج منها، ولعل هذا مدخل مناسب لطرح السؤال الجوهري : لماذا عجزت حكومة حمدوك عن إيجاد الحلول لتلك الأزمات ، ولماذا فشلت حتى في إيقاف تدهور الأوضاع الإقتصادية والأمنية..؟؟؟…
(2)
صحيح أن الحكومة الإنتقالية وجدت تركة ثقيلة من المشكلات ، ولكن كان بالإمكان حل بعض هذه المشكلات من خلال تبني سياسات ومقترحات جادة ، أو على الأقل كان يمكن وقف التدهور الذي تشهده البلاد على الأصعدة المختلفة من خلال قرارات حاسمة ، وضوابط وإجراءات فاعلة وتطبيق صارم لسياسات ناجعة… وكان يمكن أيضاً اختيار كفاءات وأصحاب خبرات مؤهلين من شأنهم أن يسهموا بقدر كبير في التخطيط والتنفيذ … وكان بالإمكان تعزيز الأمن وبسط هيبة الدولة وفرضها من خلال التطبيق الصارم للقانون… لكن كل ذلك لم يحدث بل حدث العكس تماماً ولهذا تظل الحاضنة السياسية للحكومة الإنتقالية هي المسؤولة عن كل تلك الإخفاقات والعجز عن بلوغ الحلول والمعالجات، فلم تعد هناك اُذنٌ تُطربها “سيموفونية” الدولة العميقة، وخراب تلاتين سنة …للأسف الشديد جيءَ للحكم بكوادر حزبية فاشلة بدون خبرات وبدون تأهيل عوضاً عمَّا تم الإتفاق عليه بإسناد الأمر لتكنوقراط مؤهلين وذوي خبرة ، ونتيجة لهذه الخطوة التي اعتبرها قاصمة الظهر بدت “طحالب” التشاكس والمحاصصات الحزبية والصراع السياسي تطفو على السطح مع بعض الروائح الكريهة..
(3)
وكنتيجة حتمية للصراع السياسي والتنازع والمماحكات السياسية تراخت قبضة الدولة وسرى في جسدها الإسترخاء الأمني وتلاشت هيبتها فتمددت التفلتات والجرائم وعظمت المهددات الأمنية واستسهل الناس أمر الدولة وهيبتها للدرجة التي تهدد فيها الشرطة بالإضراب …وكنتاج طبيعي لكل هذا ارتفعت نبرات العنصرية والجهوية وانتشرت الدعوات لها على الملأ من خلال سيول لاتنقطع من التسجيلات العنصرية التي لم تجد رادعاً قانونياً حتى الآن…كل تلك الأوضاع المأسوية غذت التشوهات والأنشطة الطفيلية والإقتصادية المحرمة والتهريب وصبت الزيت على نيران الأزمات…
(4)
أعود وأقول أن حكومة حمدوك وجدت تركة ثقيلة من المشكلات مافي ذلك شكٌ أبداً ، لكن ضعف أحزاب التحالف الحاكم وانعدام خبرتها وقلة كوادرها المؤهلة فاقم كل تلك المشكلات فضلاً عن تشاكسها وخلافاتها وصراعاتها حول المواقع ، ويضاف إلى كل ذلك أن أحزاباً صغيرة عديمة الخبرات ، قليلة العدد والحيلة، ضعيفة القواعد تسيدت المشهد السياسي فكانت عنواناً سيئاً للحكم والإدارة ، وهكذا فقد هزمت الحاضنة السياسية حكومة حمدوك وأفشلتها تماماً وأصابتها بالشلل التام فأصبحت هي الحاكمة والمعارضة في آن واحد ، وهي الحكم والجلاد واللص الذي سرق الثورة في الآن ذاته …
(5)
الآن لم يعد هناك مخرج أمام قوى الحرية والتغيير إلا وحدة صفها وكلمتها وفعلها والإصطفاف حول مطالب الثورة وأهدافها وشعاراتها وإبعاد كوادرها الفاشلة والإلتفاف حول القضايا الوطنية الملحة بعيدا عن الأجندة الحزبية…… اللهم هذا قسمي في ما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.