ضل الغيمة : الفاتح بهلول يكتب .. هل برام القاتل والمقتول حيناً والرهينة؟
في عدد سابق من ضل الغيمة، تناولنا كشف محاولة قيادات برام الكلكة الأهلية البائسة الرامية إلى تغطية حقيقة مليشيا الدعم السريع التي يظهر عليها واضحًا أثر التجاعيد والهالات السوداء نتيجة ما ارتكبته من مجازر إستنكرها العالم بأسره ،رغم ذلك وعلى نحوٍ مريب اصطفّت مجموعة ضئيلة بأمر من الأشوز يوسف علي الغالي لتكذيب الحقائق، بينما كانت العدسات الساهرة لا تعرف الكذب تُسجل الواقع بكل تفاصيله ،لكن ما غفلت عنه هذه الشُلة ومن تابعها هو أن أبناء برام لهم الكلمة العليا في تشكيلات الجيش التي تُقاتل دفاعًا عن فاشر السلطان بشرفٌ وبطولة سيخلدهما التاريخ، خاصة وأن أبناء برام الذين أسرتهم المليشيا عقب اجتياحها للفاشر هم الأكثر عددًا، مما يؤكد أنهم يسيرون على درب الأبطال مثل الفريق إسحق إيدام، الفريق عصام ناجي، اللواء الركن صلاح علي الغالي، و اللواء أدم محمود جار النبي و اللواء الدرديري و اللواء علي أدم ناجي و الأسد أب كلع و اللواء الركن حسين حامد و نسر الجو العميد طيار الفاتح بشار ، و دابي الخشش اسعد اب كيف والعديد من القادة العسكريين الذين كتبوا أسمائهم بحروف من ذهب في تاريخ الجيش السوداني فضلاً عن ضباط الصف والجنود الذين لا تحصيهم ذاكرة الناظر المعزول، هم من أسهموا في حماية البلاد، وعززوا شرف قواتنا المسلحة.
حيث تقول أحد الطرائف التي تؤكد ارتباط أبناء برام بالجندية، ( مُنح أحد الصولات من أبناء برام إجازة، وكان يتردد باستمرار على القيادة، وعندما سُئل عن سبب عدم سفره، أجاب قائلاً ؟ “أخشى أن أسافر والجيش ينحل ) ، في دلالة قوية على الانضباط والربط الذي يتسم به أبناء هذه المنطقة العريقة.
ورغم هذا، لم يكن ذلك كافيًا لصد الناظر واتباعه من الدخول إلى كل قرية أو فريق لاستنفار شبابها لصالح الجنجويد. وبناءً عليه، يتحمل الناظر ومن سار على نهجه من عمد وشيوخ المسؤولية المباشرة عن كافة الضحايا من أبناء برام الذين ضحوا بأرواحهم دفاعًا عن وطنهم وشرفهم.
السؤال الذي يطرح نفسه هل ستظل برام الكلكة رهينة لإدارة ليست أهلية، لا تلتفت إلا لمصلحتها الخاصة، أم أن هذه الإدارة ستظل تدافع عن الباطل في حين يقتل أبناء الوطن بعضهم بعضًا ؟ هل سيتحول هؤلاء الضحايا الذين قضوا نحبهم أو أُسروا إلى مجرد أرقام يُمر بها في مجالسهم مرور الكرام ؟
إن موقف الناظر ومن تبعه من قيادات برام الذين دعموا الجنجويد واصطفوا في صفوفهم رغم الجرائم والمجازر التي ارتكبوها ضد أبناء وطنهم يُعد موقفًا مخزيًا ومؤسفًا بحق، كان من المفترض أن يكون حاميًا لحقوق أهله وأبناء منطقته و هو يظهر بهذه المواقف التي لا تراعي قيم الإنسانية أو العدالة ؟ كيف للمدافع عن الأرض والشرف أن يصبح في صف المعتدين والمجرمين .
إن هؤلاء الذين ربطوا مصيرهم بالمليشيا الظالمة وتغاضوا عن الحقائق المؤلمة التي كشفها الواقع، يساهمون في استمرار دوامة العنف والتدمير التي تعصف بالمنطقة و موقفهم هذا لا يُجسد سوى خيانة لأمانة المسؤولية وحقوق أهلهم الذين ضحوا بأرواحهم من أجل الوطن .
إن دعم الجنجويد لم يكن مجرد دعم لميليشيا مسلحة، بل كان دعمًا لقتل الأبرياء وتدمير النسيج الاجتماعي، وزرع الكراهية بين أبناء الوطن الواحد ،لا بد من وقفة حاسمة ضد هذه المواقف المشينة، ولن يتحق السلام في برام إلا عندما يُحاسب كل من وقف مع الجنجويد أو سكت عن جرائمهم. لأن قضية برام الكلكة يجب أن تُطرح بصدق أمام المجتمع الدولي والمحلي، حيث لا مكان للتغطية على الجرائم أو التلاعب بمقدرات الشعب .
لقد ظل أبناء برام رمزًا للجندية والفداء، وها هم اليوم يقفون أمام تحديات كبيرة، ولكنهم أمل هذا البلد العظيم ، لن يطوي التاريخ هذه الصفحة إلا عندما يتم الاحتكام للعدالة والمهنية، ويُصان دم كل ضحية بذل حياته دفاعًا عن الوطن
أمام المجتمع الدولي والمحلي، حيث لا مكان للتغطية على الجرائم أو التلاعب بمقدرات الشعب.
إن التردي الذي تشهده الحديبة أم الديار بلد “الوز و الرٍز و الورل الكبير الما بفِذ ” يدعونا لدق ناقوس الخطر بشأن تهديد هؤلاء للمستقبل، إذ إن الحال في هذه المنطقة قد يتحول إلى وضع لا يُحسد عليه، كما يقول المثل: “لا طال بلح الشام ولا عنب اليمن”. فهل يا تُرى ستظل برام الكلكة في دائرة القاتل والمقتول والرهينة ؟ أم أن هذه الحكاية ستجد نهايتها كمقياسًا للترقب وانتظار المستحيل .