رجاءات صباحية ،، د. رجاء محمد صالح تكتب : السودانيون بالخارج.. أوفياء للوطن في قلب أوروبا
صباح الخير يا وطني،صباح الصمود المتجدد، صباح العزة التي لا تنكسر، صباح الرسالة التي بعث بها أبناؤك من قلب أوروبا إلى كل الدنيا: السودان لا يُشترى، ولا يُباع في أسواق السياسة الدولية.
في الأمس القريب، اجتمع السودانيون في ساحة شومان ببروكسل، الساحة التي تُعتبر القلب النابض للاتحاد الأوروبي، حيث تُصنع القرارات الكبرى وتُرسم السياسات. وهناك، في تلك الساحة المهيبة، وقف أبناء السودان وبناته وقفةً صادقة، تفيض بالوفاء، تفضح الباطل وتُعلي صوت الحق.
لقد حاول الجنجويد وممثلوهم السياسيون أن يتسللوا إلى مؤسسات أوروبا، أن يجمّلوا وجهاً شُوّه بدماء الأبرياء، وأن يخفوا حقيقة مليشيا لا تعرف غير القتل والنهب والترويع. لكن السودانيين بالخارج كانوا بالمرصاد، أدركوا أن المعركة لم تعد معركة بندقية فقط، بل هي أيضاً معركة وعي، معركة سردية، معركة صوت وصورة ورأي عام عالمي.
الوقفة الاحتجاجية التي نظّمها تجمع السودانيين الشرفاء بالخارج بالتعاون مع سودانيات من أجل الوطن، والمشتركة، ولجنة دعم القوات المسلحة معنوياً، ومنظمات المجتمع المدني، لم تكن مجرد وقفة؛ كانت لوحة وطنية مكتملة. رجال ونساء، شباب وكهول، رفعوا لافتات تندد بالجرائم، طالبوا بوقف القتل الممنهج، بفك الحصار الجائر عن المدن والقرى، وبالوفاء لتضحيات الشهداء الذين سقطوا على تراب السودان الطاهر.
ثم جاء المشهد الفارق: حين خرج لوكاس سيبر، عضو البرلمان الأوروبي، ليخاطب الحشود، معلناً دعمه لمطالب السودانيين العادلة، ومشدداً على أن الاتحاد الأوروبي لن يغض الطرف عن جرائم المليشيا. كان ذلك الخطاب بمثابة اعتراف علني بأن صوت السودانيين في الخارج أصبح مسموعاً، وأن الحقيقة أقوى من محاولات التجميل والتزييف.
في ذلك اليوم، لم يكن السودانيون مجرد جالية مهاجرة تبحث عن رزق أو مأوى؛ كانوا امتداداً للوطن، كانوا السند والظهر لأهلهم في الداخل. أثبتوا أن الغربة لا تنفي الهوية، وأن المنافي لا تُسقط الانتماء. بالعكس، ربما جعلت الغربة الوطن أقرب، وجعلت التضحية أثمن.
أيها الوطن العزيز،صوتك يعلو في كل قارة، دماء شهدائك تُحاصر القتلة حيثما ذهبوا، وصمود نسائك وأطفالك يُحرج العالم بأسره. والسودانيون بالخارج يقولون لك اليوم: لسنا بعيدين، نحن معك، نحمل همومك في المحافل الدولية، ونفضح خصومك في كل قاعة ومؤتمر.
صباح اليوم، أردد مع نفسي: الوطن محروس بوعي بنيه في الداخل والخارج، محروس بدماء الشهداء التي تروي الأرض، ومحروس بإرادة لا تعرف الانكسار.
فلتطمئن يا وطني…لن تقدر مليشيا ولا مؤامرة على إسكات صوتك.وسيبقى السودانيون، أينما حلّوا، شهوداً للحق، ورُسل عزيمة، وأوفياء لعهودهم معك حتى يتحقق النصر وتعود البسمة إلى ربوعك.