محمد عبدالماجد يكتب ..من لم يمت بمسدسات النظام البائد مات بمسدسات محطات الوقود!

 

(1)

الآن أعلن أن هذه الحكومة جعلتني أكفر بالمنطق ونظريات الحساب ونتائج معادلات الكيمياء. نتائج الضرب في الحساب العادي نفسها أصبح فيها زيادات!

لن نكون حريصين على حكومة قياداتها ليسوا حريصين عليها. وزارة المالية والاقتصاد الوطني تعلن عن الغاء كل أسعار الوقود على أن يكون سعر الاستيراد هو آلية تحديد سعر كل أصناف الوقود ليصبح سعر لتر البنزين 290 جنيهاً، و سعر لتر الجازولين 286 جنيهاً، ليصل سعر جالون البنزين إلى 1305 وسعر الجازولين الى 1282 جنيهاً.

عشنا في زمن البنزين فيه أغلى من العطر.
جبريل إبراهيم عندما كان يحارب الحكومة وهو (متمرد) لم يكن يفعل في (الشعب) ما يفعله فيه الآن وهو وزير للمالية.

قال جبريل إبراهيم إن ما حدث لأسرة علي عثمان لا يتناسب مع ما عُرف عن أخلاق السودانيين من شهامة وكرم، وقد وصف ما حدث لأسرة علي عثمان بأنه انتقام وعار.. سيادة الوزير أن العار والانتقام هي الزيادة التي احدثتموها في أسعار المحروقات.
نسي جبريل أن شقيقه خليل إبراهيم حاول النظام قتله ثلاث مرات، قبل أن يرديه قتيلاً في الرابعة.

(2)

حكومة (قحت) تحاسبنا على فاتورة (السلام) ، بأعلى من فاتورة (الحرب) في العهد البائد.

ما جدوى (السلام) إذا كانت تكاليفه أعلى وخسائره أكبر من (الحرب)؟ – الحكومة انفع لها أن يبقى مناوي (مقاتلاً) من أن يكون (حاكماً) لإقليم دارفور.

هؤلاء أفضل أن يكونوا في خانة العدو وليسوا في خانة الصديق.

الحركات المسلحة وجودها في الغابات وميادين القتال أرحم للحكومة من انتقالها إلى المدن وفنادق العاصمة وأحياء الخرطوم الراقية.

على الأقل هذا ما نحس به (حسابياً) رغم أن المنطق والإنسانية تقول غير ذلك.

لقد نقلوا الحرب من الغابات إلى الأسواق والبيوت السودانية وأصبحوا يحاربون (الشعب) بحكومة أتت بها ثورة ديسمبر المجيدة.
صراع الجيش والدعم السريع سوف يدفع ثمنه الشعب.
وجود الدولار في السوق السوداء وعند التجار أفضل لنا من وجود الدولار عند (القحاتة).هكذا تثبت النتائج ويؤكد الواقع.

(3)

حكمة صغيرة نقولها لأهل الحكومة ولمجالسها المتعددة ولكل الذين يبررون هذه الأوضاع المتدهورة والغلاء الطاحن بسيطرة (الكيزان) ونفوذ (الفلول) وهيمنتهم على مفاصل الدولة .. نقول لهم إذا كان السودان يحكمه بعد الثورة المجيدة وبعد سقوط النظام بعامين البشير وعلي عثمان محمد طه ونافع علي نافع وعبدالرحمن الخضر وعبدالرحيم محمد حسين من سجن (كوبر) وهم (مساجين) فما حاجتنا بكم وانتم تتوزعون المناصب في القصر ومجلس الوزراء و (قحت).

لماذا نصرف عليكم من خزينة الدولة وتمنحوا الامتيازات والمكاتب الوثيرة والبيوت الفخمة والسيارات الفارهة والمرتبات التي تصرف بالعملة الصعبة ونحن حتى الآن يحكمنا البشير وعصبته من (كوبر).

هل ذهب البشير ونافع وطه إلى كوبر في الفصل الثاني من المسرحية وجاء البرهان وحميدتي وحمدوك الى القصر؟

(4)

ابحثوا عن (منطق) أدخل به على أطفالي لأحدثهم به وهم دون العاشرة يطرحون اسئلتهم المنطقية.
قبل توقيع الوثيقة الدستورية، كانوا يحدثوننا عن الرخاء وعن انتصار ثورة ديسمبر المجيدة بعد توقيع الاتفاقية واتفاق المجلس العسكري مع قوى اعلان الحرية والتغيير.
وقعوا الوثيقة واحتفلنا بذلك في حضور دولي رهيب وخرج الشعب كله الى الشارع لكن لم نر بعد ذلك إلّا المزيد من الغلاء.

لم يضيفوا لنا شيئاً غير (المعاناة).
قالوا اصبروا أن الحلول والخير كله سوف يكون بعد قدوم حمدوك وتشكيل الحكومة (المدنية).

جاء حمدوك وشكّل حكومته – لكن المفاجأة أن الأوضاع الاقتصادية والحياة في السودان كانت أفضل عندما كان السودان من غير حكومة.

بعد الحكومة رفعوا الأسعار وضاعفوا المعاناة – وكأن الحكومات في السودان تأتي فقط من أجل (معاناة) الشعب.

صبرنا على الحكومة الأولى لحمدوك قرابة العام – احتملنا فيها مدني عباس مدني بكل صفوفه وفيصل والبوشي – كانوا يقولون إن هذه الثورة ثورة وعي ولا بد من الصبر.

اقنعونا أن الحل في تشكيل حكومة جديدة – (ومشينا مع حمدوك كل الخطاوي الممكنة) شكّل حمدوك حكومته الثانية التي جاءت بجبريل وجادين وبلول وجدو وإبراهيم الشيخ فكانت هذه الحكومة هي اكبر عقوبة يمكن أن تكون على الشعب السوداني.

لا أعرف الآن إن كان لحمدوك نية لحكومة ثالثة أم أن الوقت والشعب لن يسعفه لذلك؟

في هذه الحكومة كل الاشياء التي نحسبها أن تفتح أبواب الفرج نجدها تغلقها – فقد كان الدولار قبل رفع العقوبات الاقتصادية من السودان أكثر استقراراً… وكانت الحرب أفضل من السلام وكان السودان أحسن وهو بدون حكومة!
رهنوا النمو الاقتصادي وعافية الجنيه السوداني برفع العقوبات الاقتصادية من السودان.

أمريكا رفعت العقوبات ولم يحدث إلّا المزيد من الضيق.

قالوا انتظروا حتى تتم ازالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب – دخلنا في مسلسل (مكسيكي) او (تركي) انتظرنا فيه (تغريدة) ترامب ثم تنقلنا مع القرار من مجلس النواب الى مجلس الشيوخ الامريكي.

بحمد الله وبعد مجهودات كبيرة تمت ازالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب – ولم يحدث جديد – كأننا ما زلنا في القائمة حتى قطوعات الكهرباء زادت بعد رفع العقوبات.

رفعوا العقوبات ورفعوا الدعم!!نصحونا بان يدفع السودان تعويضات تفجيرات نيروبي ودار السلام – فعلنا من (قوت عيالنا) فتضاعفت المعاناة بعد ذلك.. لم نحصد اكثر من تلويحة حمدوك عندما رفع يده وقال (سوف نعبر وننتصر).
عبرنا ولكن إلى (الجحيم).

أفتونا في أمرنا أن حلنا في توقيع اتفاقية السلام – صرفنا كل جهدنا وكل أموالنا من أجل توقيع اتفاق سلام جوبا

اكتشفنا بعد توقيع السلام – ان اعباء الدولة قد زادت وان رفع الدعم عن المحروقات (تربيع) امر لا بد منه من اجل استحقاقات السلام.

فكروا وقدروا وبشروا بإصلاح الاوضاع وإيقاف نزيف الجنيه السوداني بمؤتمر المانحين.

ذهبنا الى مؤتمر برلين – سمعنا كلاماً عن السودان وعن الثورة اشعرنا بالفخر… مشينا في الارض مرحاً!

قالوا انتظروا نتائج ذلك بعد حين.

النتائج كانت معاناة اضافية للشعب السوداني وهو ينتظر ان ترفع (التوصيات) لتصبح (مخرجات) والمخرجات حتى تتبلور (قرارات) والقرارات حتى يتم التوقيع عليها ثم تعود مرة ثانية لتبدأ من جديد دورتها (الدولية)… اعادونا لقصة (والمفتاح عند السلطان والسلطان عاوز لبن واللبن عند الماعز … والماعز عاوزة الخريف..والخريف عاوز المطر والمطر عاوز…الخ).
بعد مؤتمر برلين تم رفع الدعم عن المحروقات جزئياً المرفوع عنها مقدماً.

اقنعونا ان الحل الحقيقي في مؤتمر باريس – ذهبنا الى باريس نحمل (ايقوناتنا) – واتينا من هناك بمجموعة من الصور مع الرئيس الفرنسي ماكرون.

بعد مؤتمر باريس تم رفع الدعم عن المحروقات كلياً للمرة العاشرة..
وفي كل مرة كانوا يقولوا ان الزيادات التي تحدث في المحروقات (نهائية) وان تلك الزيادات هي الحل الحقيقي وهي المخرج الذي سوف يجعل الاوضاع الاقتصادية تستقر.

قبل ذلك كانوا قد بشرونا بـ (التطبيع) مع اسرائيل – واقنعونا ان التطبيع سوف يقودنا الى حياة رغدة وسوف يتحول السودان الى جنة الله في الارض.

تخيلوا (طبّعنا) فضاقت علينا حتى (نعلينا) كما يقول الدوش.

الطريف ان لعنة الحكومة الانتقالية اصابت ترامب الذي تقدمت علاقة الحكومة معه فتمت الاطاحة به من البيت الابيض. تقدمنا نحو نتنياهو وطبّعنا معه انقلبت الاوضاع عليه في تل ابيب.
اخشى الآن على ماكرون!

(5)

بغم /

هذا الشعب بعد (التغيير) لم يصبر على عوض بن عوف (48) ساعة تمت الاطاحة به بعد (32) ساعة من توليه الحكم (رئيس عمر يوم واحد) – لماذا تصبرون على البرهان وحميدتي وحمدوك؟ وقد مضى عليهم في الحكم اكثر من عامين.

هل تنتظرون ان تشاهدوا الجزء الثاني من (وحدث ما حدث)؟

هذه الحكومة غير جديرة حتى ان تكون في (كوبر).

النظام البائد كان يقتل بالمسدسات والنظام الحالي يقتل بمسدسات محطات الوقود!! – هذه ابادة اكثر خطورة على الشعب السوداني من ابادة المليشيات.

البشير كان يفكر في ابادة ثلث الشعب – يبدو أن الحكومة الانتقالية تفكر في إبادة الشعب كله.