جريدة لندنية : حركة الحلو تدير المباحثات مع الخرطوم بعقلية انفصالية

 

الخرطوم – البلد بوست

استأنفت جلسات التفاوض أعمالها في جوبا بين وفدي الحكومة والحركة الشعبية جناح عبدالعزيز الحلو الاثنين، بعد قرار الوساطة تمديد التفاوض لمدة أسبوع للتوافق على النقاط الخلافية ووضع المسودة النهائية للاتفاق الإطاري.

وتواجه المفاوضات عقبات عديدة أدت إلى تمديد المشاورات حول الاتفاق الإطاري، بعد أن أخفقت المباحثات التي انطلقت في 26 مايو الماضي في إحراز تقدم ملموس على مستويات، علمانية الدولة وحق تقرير المصير والترتيبات الأمنية.

وعقدت اجتماعات منفصلة بين الطرفين بوساطة جنوب السودان لتقريب وجهات النظر ومعالجة القضايا المختلف حولها، وسط توقعات بإمكانية أن تستغرق المباحثات بعض الوقت عقب رفض الوفد الرسمي مسودة التفاوض التي قدمتها الحركة الشعبية.

أبوالقاسم إبراهيم آدم: المفاوضات تواجه صعوبات بسبب ارتفاع سقف مطالب الحلو
وتضمنت المسودة موقف الحركة من فصل الدين عن الدولة، وفصل الهويات الثقافية والإثنية واللغوية والجهوية عن الدولة، وطالبت بتقسيم السودان إلى 8 أقاليم، وإنشاء إقليم جبال النوبة غرب كردفان، وإقليم الفونج، على أن يكون حكام الأقاليم بدرجة نواب لرئيس الجمهورية، وتكوين مجلس رئاسي يقوم بمهام وسلطات الرئيس، بجانب رئيس وزراء يقوم بالإشراف على أداء الجهاز التنفيذي.

وأشار مقرر فريق الوساطة الجنوب سوداني ضيو مطوك، إلى أن اللجان التي جرى تشكيلها لمناقشة القضايا الخلافية حول الترتيبات الأمنية والحكم والإدارة والاقتصاد والشؤون الاجتماعية والنظام القضائي، لم تحرز سوى تقدم بسيط في ملف الترتيبات الأمنية.

ويرى مراقبون أن عبدالعزيز الحلو يوظف حالة الارتباك التي تبدو عليها السلطة الانتقالية بمكونيها المدني والعسكري وسعيها نحو الارتكان إلى السلام لتهدئة الأوضاع الداخلية، لتحقيق مكاسب تمكنه من وضع نواة لما يشبه دولة جديدة من دون أن يكون هناك حضور حكومي في المنطقتين (جبال النوبة وجنوب كردفان)، وهو ما تراه الحكومة مقدمة لاستخدام حق تقرير المصير قد يقود للانفصال.

ويصر الحلو على تطبيق مبدأ “المشورة الشعبية” بشأن ما يجري التوصل إليه من تفاهمات على مستوى كلّ من السلطة والثروة، وهو ما تعترض عليه السلطة بجميع مكوناتها، بما فيها الحركات المسلحة التي ترى أن ذلك يلغي الاتفاق المبدئي السابق مع الحركة الشعبية شمال جناح مالك عقار، فيما ترى الحكومة أن الإصرار على المطلب يعيد إلى الأذهان شبح اتفاق نيفاشا الذي انتهى بانفصال جنوب السودان.

وأتاح اتفاق جوبا الموقع بين الخرطوم والجبهة الثورية في أكتوبر الماضي الحكم الذاتي للمنطقتين وحق إقرار التشريعات الخاصة بما يتواءم مع التشريعات القومية، وأي رأي مخالف على المستوى الشعبي سوف يؤدي إلى أزمة أكبر وستجد السلطة الانتقالية نفسها أمام تعارض مصالح بين الحركات قد يقود إلى حرب بينها.

ولدى دوائر حكومية قناعة بأن الحلو يستخدم ورقة علمانية الدولة التي تواجه اعتراضات لحسمها خلال مفاوضات جوبا للذهاب نحو خيار الانفصال لاحقا، ويشعر وفد الحكومة بأنه يخوض مباحثات لترجيح كفة الانفصال أكثر من الوحدة، وبات مشغولا بتفادي استخدام حق تقرير المصير بأقل خسائر ممكنة.

ولفت أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم أبوالقاسم إبراهيم آدم، إلى أن المفاوضات تواجه صعوبات بسبب ارتفاع سقف المطالب من جانب الحلو، ووضع شروط تشي بأنه يستهدف ابتزاز الخرطوم، مثل تغيير العطلة الرسمية في منطقة أغلبها من المسلمين (الأربعاء بدلا من الجمعة)، وتغيير اللغة إلى الإنجليزية بدلا من العربية، وغيرها من المطالب التي يريد منها الحصول على مكاسب تفوق ما حصلت عليه حركة منافسه مالك عقار، قائد الجناح الآخر في الحركة الشعبية.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن توافق الحكومة بشكل نهائي على تطبيق علمانية الدولة سيكون الوسيلة لمنع استخدام حق تقرير المصير، فضلا عن تقديم تنازلات في ما يتعلق بالسلطة والثروة، لكن ذلك قد يدفع بعض المجموعات الصغيرة إلى حمل السلاح والانفصال عن الحركات الأم لتحقيق مكاسب مماثلة.