عمر دمباي يكتب .. عندما يستجدي أهل الإنتاج أموالهم فالمجاعة قادمة
أوفى المزارعون في ولاية القضارف خلال الموسم الزراعي الحالي بتعهداتهم في الإنتاج كاملة، وهم يقومون بزراعة (10) ملاييين فدان رغم ما كانت تواجهه الولاية من مخاطر كبيرة ومهددات أمنية، هرب حينها التجار برؤوس أموالهم خارج البلاد، لكن تصدى المزارعين لمهمة سد الفجوة الغذائية وزرعوا أراضيهم من حر مالهم أو قروض أقترب موعد سدادها، ولصدق نواياهم فقد من الله عليهم بإنتاج وفير، ولكن التحدي الآن في مراحل عمليات الحصاد، نتيجة لعدم توفر سيولة نقدية كافية.
السحب اليومي الذي حدده بنك السودان ب200 ألف جنيه لا يفي بالمصروفات اليومية لشخص ناهيك عن إيفاء بمستحقات مزارعين يرغبون في حصاد ملايين الأفدنة .
لم يتبقى من فترة الحصاد حالياً أكثر من 30 يوماً فقط، وإلا أضطر المزارع إلى ترك محصوله عرضة للتلف، وبعملية حسابية منطقية بسيطة فإن مصاريف حصاد الألف فدان تحتاج اليوم إلى ما بين 40 إلى 50 مليون جنيه وليس مائتي ألف جنيه يا سادة بنك السودان المركزي وقادة القطاع الاقتصادي، وحتى هذا المبلغ باتت البنوك غير قادرة على الايفاء به .
مشاكل المزارعين اليوم تحتاج إلى رجال دولة حقيقيين وليس إلى قرارات إرتجالية وذلك عبر معالجة خاصة وتقديرات منطقية وتفهم جيد للمرحلة.
ليس صعباً أن يقوم المزارعين بإتخاذ خطوات تصعيدية ما لم تعالج قضاياهم، أسوة بما تقوم به أقل فئة متضررة، وما نشاهده من تسارع الحكومة حيالها لوضع استثناءات لهم وكسب ود تلك المجموعات المتضررة من ضعف الكتلة النقدية المتداولة، مقارنة بشريحة المزارعين، لكن المزارعين ليسوا بتلك العقليات ولذلك يحتاجون إلى عقليات مختلفة لتفهم إحتياجاتهم الملحة والمهمة، حتى لا يجد المزارع نفسه مجبراً لترك الزراعة في الموسم المقبل، وحينها ستدرك الحكومة أي خطأ استراتيجي قد ارتكبت و أي قطاع مهم قد أهملت.
مزارع القضارف اليوم مهدد في الدرجة الأولى بفقدان حياته بسبب ما يجده من تهديد من قبل العمال المطالبين بحقوقهم “كاش”، بخلاف فقدانه لنسبة كبيرة من المحاصيل الزراعية رغم إرتفاع تكاليف عمليات الإنتاج نفسها.
في كل قوانين العالم يوجد استثناء لمن يستحق الاستثناء، فهل لا يستحق المزارعين في القضارف الاستثناء، نقولها بالفم المليان إنهم يستحقون الاستثناء والتمييز بل الذهاب إليهم في مواقعهم ومحنهم ما يكفيهم، ليعود الخير على الجميع حكومة وشعباً في شكل زكاة وجباية وسد أكبر فجوة غذائية يحذر منها العالم.
فمن تصدى وخاطر بماله ونفسه وزرع لا يستحق أن يواجه بتعنت وصلف وتجبر والقبول بقرارات فوقية ومن أبراج عالية.