عبدالوهاب أزرق يكتب .. مداد الغبش .. نريدها نسمة لا كتمة

 

 

التاريخ يعبر والأيام والسنوات تقف اليوم عند الذكرى العاشرة للكتمة . السادس من يونيو 2011 م ، (6/6 الساعة 6) تجددت الحرب و اتفرتكت الشراكة بين الوالي مولانا أحمد محمد هارون ونائبه الفريق عبد العزيز آدم الحلو ، اندلعت الحرب بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ، عندما فشلت النخب السياسية في أول تمرين ديمقراطي بعد اتفاق نيفاشا الهش لإختيار والي للولاية الذي أجل عن بقية الولايات فكان سببا للحرب . ولعل الدماء الزنجية الحارة تفاعلت مع الشعارات الملتهبة المرفوعة وقتئذ بعبارات *يا هارون يا القيامة تقوم* ، *يا النجمة يا الهجمة* كانت الهجمة وقامت القيامة بجبال النوبة فاكتوى الجميع بنيران عدم انضباط الشعارات والحساسية المشتعلة فوصلت الولاية إلى حالها المزري حتى اليوم.

بعد عشر سنوات مازلنا نتقاتل ونتناحر دون تحقيق آمال وطموحات شعب تواق ومحب للسلام ، يبغض الحرب ويحن للوئام ، عشر سنوات لم نتعظ والنكبات والمصائب لم تعلمنا الاتفاق ، والمواجع والماسي كفيلة بوضع حد للخصام ، والدروس يجب أن يستفاد منها .

تأتي ذكرى الكتمة ، وتشاء الأقدار أن بدأت مفاوضات السلام بين الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية شمال قبل أيام ثم مددت لاسبوع آخر ، ومن الصدف أن يكون رئيس الوفد الحكومي من جبال النوبة *الفريق أول ركن شمس الدين كباشي* ، وكذا رئيس وفد الحركة الشعبية *القائد عمار اموم دلدوم* ،عضو المجلس الوطني القومي السابق عن دائرة الدلنج في الانتخابات البرلمانية القومية في العام 2010م . فالفرصة مواتية ليسجلا اسميهما بأحرف من ذهب لإيقاف الحرب ، انطلاقا من موقف الطرفين ، وتجنيب المواطن معاناة سنوات وسنوات .

في الكتمة اختنق الجميع بدخان المدافع ، ونيران الحرائق ، وبارود البنادق ، وازهقت الارواح والانفس ، ويتم الأطفال ، وترملت النسوة ، وفقدت الأموال والممتلكات ، وشردت وهجرت الأسر والمجتمعات ، والواقع أصبح بائسا ، والنسيج الاجتماعي متهتكا ، والنية وسخانة ، وتحجرت العقول ، فالكلام كان بفوهة البندقية ، وانعدم التعقل والتفاهم .

ثورة ديسمبر وأحداثها التغيير على الواقع السياسي ومن شعاراتها السلام ، وعي المجتمع بضرورة تحقيق السلام ، وعمل على بسط التعايش السلمي والسلام المجتمعي ، و أطلق مفردات العفو والتسامح والتصالح ، ويأمل المواطن في تحقيق السلام الشامل والعادل المستدام ، ويطمح أن تكون ذكرى هذا العام الاخيرة للحرب .

يريد المواطن أن تكون ذكرى الكتمة نسمة تزيل السنة لهب الكتمة ، وغبار المعارك ، ونريدها نسمة واستنشاق الدعاش الخريفي ، والمفتاح بيد الحلو لفتح النوافذ وتجدد الهواء ، وينظر إليه بأنه رجل سلام يستطيع اسعاد الأهل في ربوع الولاية والسودان ، فرصة لتناسي جراحات الماضي ، والعمل للنهضة والتنمية وتحقيق شعار الوحدة الذي خرج من اجله عندما رفضت السلطات في الفيض ام عبد الله التصديق بإقامة ندوة لتكوين رابطة لخدمة المجتمع .

الذكرى العاشرة للكتمة تأتي ، وكادقلي تقيم اليوم معرضا للكتاب بمبادرة من شباب واعي مدرك لكنه الأشياء ، تمحص وعرف أن الولاية بحاجة إلى توعية ، وزيادة منابع العلم والمعرفة . معرض بمثابة الرسالة أن التغيير الحقيقي يبدأ من العقول والأفكار ، والاطلاع يغزي الألباب ، والطاقة المتوفرة في الهدم يجب أن توظف في البناء والاعمار ، والنهوض بالبلاد يبدأ بالعلم ، وجبال النوبة ما احوجها لذلك .

فنعمل أن تكون ذكرى الكتمة كل عام للتلاقي والتسامح ومعالجة آثار الحرب ، والتفاكر لنهضة شعب وانتشال أمة من وهدتها ، وغارقة في مستنقع الاثنية ، و تنقصها الخدمات ، وبحاجة إلى التكاتف والتعاون ، دعونا ننادي بالتعايش والانصهار والسلام ، ولعل شباب اليوم الواعي ابعد ما يكون عن المسميات النتنة ، وقادر على أحدث التغيير في المجتمع .