عبد الحفيظ حامد يكتب ..هل تراجع الجارة تشاد موقفها من الحرب في السودان
لعل من نافلة القول أن نشير إلى الترابط الوثيق بين السودان وتشاد ترابط تشهد عليه الجغرافيا والتداخل الاجتماعي والنمط الثقافي في البلدين لدرجة تكاد تصل حد التطابق في كثير من العادات والتقاليد والإرث الثقافي والاجتماعي والتداخل القبلي فمثلا قبيلة الزغاوة الحاكمة في تشاد أكثريتها في السودان وشاركت مجموعة كبيرة من الزغاوة السودانيين في تثبيت ركائز حكم الرئيس الراحل إدريس دبي وكذلك بطون القبائل العربية والوداي (البرقو) كلها لها امتدادات في البلدين كل هذه الأشياء تؤكد الروابط الوثيقة بين الشعبين بل والمصير المشترك لذلك من يسعى لفصم عرى هذه العلاقات التي لا انفصام لها لصالح جهات خارجية إنما يلعب بالنار التي لابد أن تطاله في نهاية المطاف.
اندلعت الحرب في السودان في 15 أبريل 2023 بعد تمرد مليشيا الدعم السريع على الجيش الوطني السوداني مما خلق تهديدا للمنطقة كلها.. أثرث الحرب على علاقات السودان الخارجية بصور كبيرة وخاصة على علاقتنا بالجارة تشاد التي كان للسودان علاقات جيدة معها طوال عهدي الرئيسين السابقين للبلدين البشير ودبي رغم مايعتريها من بعض الاشكالات خاصة في فترة حرب دارفور إلا أن الجنرالين كانا قادرين على إعادة الأمور إلى نصابها بسرعة كبيرة ولعل سبب ذلك الشخصية القوية للرئيسين في البلدين ومايتمتعان به من نفوذ ومعرفة دبي أن السودان هو جاره الأهم من بين جميع جيرانه الآخرين.
بعد خمسة أشهر من اندلاع الحرب في أواخر شهر نوفمبر وجه مساعد رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن ياسر العطا اتهاما مباشرا لتشاد بدعم المليشيا المتمردة بالأسلحة والذخائر هذا الاتهام رفضته تشاد وصحب ذلك طرد للبعثة الدبلوماسية التشادية وقامت تشاد بطرد ستة من أعضاء السفارة السودانية في إنجمينا مما جعل الوضع أشبه بالقطيعة التامة.
هنا يبرز سؤال مهم إذا رجحنا فرضية تورط إنجمينا في دعم المليشيا المتمردة أو فلنقل أنها سهلت وصول الدعم لها عبر مطاراتها و أراضيها هل من مصلحة إنجمينا دعم هذا التمرد؟.
للإجابة على هذا السؤال لابد أن نذكر القارئ بأن من يحكم تشاد هو قبيلة الزغاوة (طبعا هذا الامر ليس على إطلاقه والمقصود هو أنهم أهل النفوذ ) والمنافس الأشرس في حكم تشاد هم القبائل العربية التشادية (أهل حميدتي )
إذا نظرنا لهذا الواقع نعرف أن سيطرة المليشيا على السودان سيعقبها مباشرة الاستيلاء على الحكم في تشاد وبقوة السلاح واستئصال شأفة قبيلة الزغاوة تماما.. إذن كيف تسمح قيادات الزغاوة بمافيهم الرئيس كاكا بمرور السلاح لدارفور ليقتل به أهلهم الزغاوة في الفاشر وكرنوي والطينة.. إذن الإجابة على سؤالنا أصبحت واضحة إن ماتقوم به تشاد ستكون أول من يكتوي بناره…. الذين يدعمون التمرد ليسوا جيرانا للسودان ستنتهي الحرب وستبقى تشاد جارة للسودان.
تابعت في الفترة الماضية القرارات التشادية في الانفكاك الكلي للجارة تشاد من ما تبقى من ربقة الاستعمار الفرنسي وفرح الشعب التشادي بذلك وخروجه في مسيرات عفوية وأتمنى أيضا أن تنفك القيادة التشادية من أي وصاية عليها او ضغوط أو إغراء للإضرار بشقيقها السودان.
مدخل السودان الرئيس للقضاء على تمرد مليشيا آل دقلو هو إصلاح علاقاته مع تشاد ومدخل تشاد لاستمرار حكم كاكا واستقرار الاوضاع في تشاد هو إصلاح علاقاته مع السودان فهل تنتبه القيادة في البلدين لذلك؟ … ننتظر