الهادي السيد عثمان يكتب .. لن تضيع سدى
هذه الدعوات الصادقات، والتهنئات المتواليات التي تبادلها السودانيون مع بعضهم بعضاً، من أصقاع المنافي وشاسعات الفيافي؛ بمناسبة هذا العيد ، وهي تحمل الرجاءات والتمنيات من الله بمشاعر ملؤها الأسى والحزن والألم، الذي حل محل الحب والوئام، في يوم كانوا فيه بوطنهم تكسو وجوههم الطيبة، وتسبق قلوبهم أكفهم بمعانقة الأرواح يطلبون العفو من بعضهم، دون أن يكون هناك نزاع بينهم أو خلاف، يطلبون العفو والسماح في يوم عيدهم بعبارات تبعث روح المودة والدفء في نفوسهم وهم يتجولون في أمن وأمان في شوارع مدنهم وقراهم. وكلهم فرحون تملأ جوانبهم البهجة والسرور؛ بعيد قرب بعيدهم وجمع فرقائهم وهم في نشوة لا تضاهى، يتقاسمون بينهم العيدية (الحلوى واللحمة والخبائز) وهم في غاية من الكرم وروح الإخاء والمودة…
فسوف لن تضيع دعواتهم سدى مادامت نفوسهم متحابة وقلوبهم متقاربة، وهم يؤمنون أن خالقهم وعدهم بالاستجابة بقوله تعالى:( ادعوني استجب لكم) وأكد لهم بقوله:( إني قريب اجيب دعوة الداعي إذا دعان)…
لن تضيع سدي وقد تنادوا بصفاء أرواحهم له بالدعاء الصادق، ونعم المجيب..فلا شك أنهم قد اجتازوا امتحاناً عسيراً بما ذاقوه من شتات ونهب وقتل واغتصاب لعروضهم، وتنكيلا لكبيرهم وصغيرهم رجالا ونساء وتفرقوا في أرض الله، مغلوبين على أمرهم ودموع الأسى تسيل من أعينهم على وجوههم، والألم يعتصر ُقلوبهم، فالله بلا شك ناصرهم ولن يظلمهم أبدا فهو الناصر لكل مظلوم والجابر لكل مكسور،،،
لن تضيع دعواتهم سدى وهاهي علامات النصر قد لاحت في سمائهم وبدأت بشائر الخير تتوالى وتتنزل عليهم وتزف لهم أخبار انتصارات جيشهم، ومن ناضل معه وهي تلوح في الأفق بالبشائر والنصر سواء بالفاشر أو غيرها من مدن وقرى بلادنا، ولن تضيع سدى بإذنه تعالى، بل ستُستجاب بنصرهم وستخذل وتخيِّب ظن كل من جهل أمر هذا الشعب الطيب قلبُه، والكريمةُ سجاياه، وسوف ترد كيد كل من أراد له سوءاً، وسيندم كل من تجبر على كل نازح أو أهانه أو بخل بمساعدته وقد خرج هو فاراً بجلده من جحيم قتل منه من قتل وعذب من عذب ولم يرحم ضعفاً سواءً لرجل أو امرأة حتى تشرد الكثيرون منهم، وقد جعلهم – بجبروته – يهيمون في الأرض بلا مأوى أو مالٍ يعينهم من عناء هيامهم وما الدنيا إلا يومان: يوم لك ويوم عليك، ومن ظن أن الحياة تجري كما أراد فهو جاهل …يقول الإمام الشافعي:. يا نائماً الليل مسروراً بأوله إن الحوادث قد يطرقن أسحارا… لاتفرحن بليل طاب أوله فرب آخر ليل أجج النارا…
فالذين خرجوا من ديارهم مقهورين بقوة السلاح مرعوبين من عدو جاهل لا يوقر كبيراً ولا يرعى حرمة، كان على من احتمى به ولجأ حمايته؛ أن يقف معه ويواسيه ويذلل صعوباته ويشعره بأنه ماهو إلا منه سواء كان ذلك بصلة الدم أو الإسلام والله تعالى يقول:( إنما المؤمنون إخوة …) .
فلن تضيع دعواتهم بنصرهم من الله، فما تحمل من كربة مرت حتى ظن صاحبها أنها لاتزول؛ وقد فرجها الله وقلب عسرها بيسرين بقدرته وإرادته …
لن تضيع دعوات مظلوم ذاق ماذاقه من هؤلاء الذين لم يرحموا أحداً، ومن حجة تبرر فعلهم الذي حير كل سامع وأبكى كل شاهد .. وعين الله لا ولم تنم … فالغد لهذا الوطن الجريح بلا شك بإذنه تعالى بنصر منه بات قريباً وغداً سيكون كل ما جرى من مآسٍ ذكرى، رغم مراراتها تحكيها الألسن وتحفظها الذاكرة لأجيال لن تغفل بعدها، بل ستدخرها يغظة تحمي بها وطنها من كل كيد ويقيننا أن ما جرى رغم مرارته خير لوطن الخير حتى يكون أول الأوطان أماناً واستقراراً وتقدماً بإذنه تعالى… اللهم ببركة عيدنا هذا نسألك إجابة كل داع بنصرة وطننا…آمييين وقرررربت….