من أشهر الخطب للحجاج بن يوسف الثقفي قالها لمّا تولى على العراق: ( أنا أبن جـلا وطلاع التنايا – متي أضع العمامة تعرفوني ).فنحن في السودان لأنعرف من يلبسنا عمامته؟ .
تكاثرت الأيام الماضية رذاذت كلامية، بزيف ادعاءات بين البرهان وحميدتي ، أفحشوا في السوءات والمناقص بخلافاتهم المفتعلة لتضليل الناس وإثارة الخيال.. وإيهام الرأي العام بإستخدام الألفاظ والمجازات، وكأن المسألة قد وصلت إلى حافة المواجهة العسكرية وليست السياسية بين الطرفين. وأبتلينا بنقاشات ليس لها بداية وليس لها نهاية، لدرجة أننا أصبحنا لانستمع لها ، وشكلت اللقاءات وسط الأهالي و الأجهزة الأمنية المنصة المحورية.التي تنطلق منها الوثبات الكلامية مستبيحين فيها كل الأقوال، بوجود تباعد بينهما، وكأن ذاكرة المواطن السوداني أصبحت في تحديث مستمر. ولأننا نعيش عدم صدق قياداتنا واللأ نخبنا الغير صادقين، بالأقاويل المشكوك في صحتها والخطط الهزيلة،كما حدث قبل إنقلاب 25 أكتوبر.
وهنالك الكثير من الأدلة على سقم الحبكات ، منها عصابات “النيقرز” ، انفجار مصنع الزخيرة المصتنع، كذلك الخلايا الإرهابية وغيرها . لاتوجد أي أسئلة حائرة للحديث المزدهر، لأن الكل علي يقين بأنه لايوجد أي خلاف بين حميدتي والبرهان، ومحاولة زرع هذا الخلاف شكلي له بواطن مخفية. ولايوجد أي تباعد سياسي والهدف إستفزاز الناس، والإستخفاف بعقولهم، والتأثير على معنوياتهم، من خلال مستشارين توقف عقلهم الإستراتيجي في زرع الأباطيل، ليس من همومنا مايحدث من حتف بالحجارة من أقوال القادة والمرسولو، ونحن علي يقين من الأمر إن سلاحهم الكلامي غير موثوق فيه .. وأن حياكتهم خيوطه مهتره، ومفرداتهم متناقضة ومعوجة لم يحرصوا علي سلامتها ولا على إتقانها بل محاولة إثارة الخصومات وبث العداوات .غير مبالين بزج المواطن في هذه الأزمة المفتعلة التي تعكر صفوه، إضافة إلى همومه بثقل المعيشة، والصعوبات التي تطال كل جوانب الحياة. أن محاولة حبس إرادة المواطنين وإبراز الهواجس، ضمن دائرة الخلافات خطوة قاصِمة لظهرهم بالأدوات البدائية للديمومية، والتراشق الكلامي خاويا من المنطق .. والتضخيم الذي يحدث محاولة لإثارة الفزع والهلع ،وصولا لمزيد من التصدع في وحدة الصف العسكري والتماسك المجتمعي.أما بعض القوي السياسية تعيش في دلالها، إستعدادا لدق طبول الأطاري علي أنقاض الشعب السوداني المغضوب عليه ، ليست خافية لها خيوط اللعبة الكبري والتخطيط الشيطاني. والإطناب في مناقشة ما حدث كمعرفتها مسبقا بفض الإعتصام. ان محاولة توظيف بعض الإعلاميين الذين أظهروا مواقفهم بإقلامهم و إلسنتهم، التي تسوق لأقوال رائجة الآن في الساحة السودانية، خاصة في غياب إعلام نزيه وشجاع .أبرز بوزه الإعلامي شمالا ويمينا مع أو ضد بطغيان من المزايدات تعبر عن غياب رسالتهم المهنية. وللأسف أنقسمت مواقف الناس بين تابع ومتبوع، وأقلية وقفوا على التل، ولم يقتربوا من ملاعب كلا الفريقين .
أمام هذه الخصوبة في الحياة السياسية نشهد مزيد من التشنج والشحن، ومحاولة الإستشراف لردود الأفعال بعد إطلاق عنان التقاشر طبقا لخريطة وأضحة المعالم ، وأصبحوا اللاعبين المحترفين ( كباشي ،العطا، عبدالرحيم دقلو) هم من يعتلون الساحة السياسية .
أمر حزين تعرض المواطن السوداني الي الإذلال ، ويزيده حزنا جهل الناس بما يجري حولهم .
تتمثل مشكلة السودان الاساسية بزيف التلاسن والادعاءات، وهي منابع الخراب الظاهرة والخفية من مؤامرات متداخلة ومركبة، من السلطة السياسية والقوي الحديثه ذوي النفعية السياسية .. فهم يفتقدون القدرة علي بناء السودان. فمهما تشدقوا بالأحاديث الكاذبة عن الثورة ومصالح البسطاء، فإنهم لايسعون إلا لحماية وزيادة مكاسبهم وأطالة عمرهم في السلطة . وإن ما يتم في إتجاه تصحير الحياة السياسية يفقدها كل قدرة ذاتية، على التجدد والتطور من طرف حكامنا، فأننا أحوج ما نكون في الوقت الراهن لقادة مسؤولين يحافظون علي هيبة الدولة.
أي نكسة نعيشها ؟
كل أزمة واراءها منحة ولكن نحن في السودان بعدها محنة .
نسأل الله حسن العاقبة.